الجيش و البحرية زمن السلاطين المماليك

الجيش و البحرية زمن السلاطين المماليك

أولاً – الجيش زمن السلاطين المماليك :

توصف دولة سلاطين المماليك بأنها دولة إقطاعية حربية ، يبدأ الفرد فيها مملوكاً يشتريه أحد الأمراء ويدربه على فنون القتال ليصبح فيما بعد مع كفاءة ما في مرتبة الأمراء ثم ما يلبث هذا الأمير أن يقتني مماليك آخرين ويعمل على تنشئتهم عسكرياً وهكذا دواليك .

وكانت العادة أن يتقاضى المملوك في بداية عهده راتباً يطلق عليه لفظ " جامكيه" ، ثم ينتقل حين يصبح فارساً ليحصل على إقطاع ثم يتدرج في المراتب ليصبح"أمير خمسة" ومن أمير خمسة إلى"أميرعشرة" ومن أميرعشرة إلى"أمير طبلخانه"–أمير طبلخانه هو الأميرالذي ترافقه النوبة أي مجموعة من العسكر معهم طبل ومزمار يعزفون – ومن أمير طبلخانه إلى "أمير مئة" ، ويسمى أيضاً "أمير مقدم ألف" .

وكلما إزدادت مرتبته إزداد إقطاعه وكان السلطان يمنح الإقطاع بنفسه مهما قلّ أو كثر ، ويأخذ المملوك بذلك ورقة كان يطلق عليها اسم " المثال" .

وكان ديوان الجيش هو المعني بسجلات الإقطاع و المتولي أمور الجيش ويقف على رأسه " ناظر" يساعده مجموعة من كبار الموظفين ، أبرزهم " صاحب الديوان" ويسمى أيضاً " نائب الناظر" ثم يليه " مستوف الجيش" – وهو المسؤول المالي في الديوان – مع مجموعة كبيرة من الكتّاب و الشهود .

- فرق الجيش المملوكي :

تألف الجيش المملوكي من ثلاث فرق رئيسية هي :

1- الفرقة الأولى : هي طائفة المماليك السلطانية وهم مماليك السلاطين الحاكمين ، ويكونون في العادة أكثر المماليك إقطاعاً ونفوذاً وجاهاً ومن هذه الفرقة يؤمّر الأمراء .

2- الفرقة الثانية : هي طائفة مماليك الأمراء إذ كان لكل أمير مجموعة من المماليك ترافقه في حله وترحاله وتكون معه في ميادين القتال .

3- الفرقة الثالثة : هي فرقة أجناد الحلقة ، وهم مماليك السلاطين و الأمراء السابقين ، وهم جند الدولة الثابتين ويشرف على كل ألف منهم " أمير مئة" .

- ولقد توفر في الجيش المملوكي إمكانات ضخمة وتميزهذا الجيش بحسن نظامه وانضباطه ودقة تدريبه وهذا ما ساعده على الوقوف بوجه الصليبين و التتار، علاوة على ذلك قام هذا الجيش بغزو البلاد في شرقي دولته و غربها .

- وكانت العادة(في العادة) أن يعود السلطان إلى مجلس الجيش قبل أن يقوم بأية حرب ، وكان هذا المجلس يضم كبار الأمراء و الخليفة و القضاة الأربعة ، وإذا ما تقررت حملة أو حرب يجمع الجيش ويقسم على الولاء و الطاعة فتفتح " السلاح خانه" ( دار السلاح) وتوزع الأسلحة .

- وكان الجيش في العادة يقسم في الحرب إلى عدة مجموعات تتألف من مقدمة ومؤخرة وميمنة وميسرة وقلب ( تطبيق نظام الكراديس ) .

- وكانت الطبول تدق وكذلك المزامير ( الزمور) ، وكان لكل فرقة من فرق الجيش أعلام
و رايات .

- ومما يجدر التنويه به أن جيش المماليك كان يهتم اهتماماً بالغاً بالفرسان و خيولهم إلى حدٍ فاق الوصف .

ثانياً – البحرية زمن السلاطين المماليك :

وصفت دولة سلاطين المماليك بأنها دولة البرين ( البر المصري و البر الشامي ) والبحرين ( البحر الأبيض المتوسط و البحر الأحمر ) ، ولما قامت دولة السلاطين المماليك بعيد حملة " لويس التاسع" وهي حملة بحرية إلا ّ أن المماليك حققوا انتصارات رائعة على الجيش الصليبي وملكه .

فكان من الطبيعي أن يهتموا بالبحرية أهمية بالغة ، فبدأ " بيبرس" ببناء السفن التي كانت تعرف يومها بـ"الشواني" وذلك في ميناء الاسكندرية و "دمياط" ، وكان " الظاهر بيبرس" ينزل بنفسه كلما سنحت له الفرصة لزيارة " دار الصناعة" – مكان صناعة السفن و مستلزماتها من مدافع وتسمى (ترسانه) في اللغات الأجنبية - ولقد بلغ عدد السفن في عهد " بيبرس" ( 40 ) من نوع "الشواني" عدا " الحراريق" ( جمع حراقة) و "الطرائد" ( جمع طرادة) .

وفي الحملة البحرية التي أرسلت إلى"قبرص" خسرت البحرية المملوكية(11مركباً) من نوع" الشواني" في ريح عاتية أجبرت الأسطول المملوكي إلى الرجوع دون أن يكمل مهمته و ليبني بدل عن السفن التي غرقت ضعف عددها ، وقد استمر السلاطين المماليك يهتمون بالبحرية حتى استطاع " برسباي" غزو جزيرة " قبرص" وضمها إلى دولته ، وكذلك " رودوس" عدة مرات لمحاربة بقايا الصليبين .
أما أبرز ما يميز الأسطول المملوكي في نهاية القرن الخامس عشر و بداية القرن السادس عشر الميلادي

ظهورالبرتغاليين في البحارالشرقية جنوب الجزيرةالعربية وعلى شواطئ الهند وتهديدهم للبلادالإسلامية وتجارتها ، مما جعل السلطان " قانصوه الغوري" يجدّ في إعادة بناء بحرية متطورة ومزودة بالمدافع وقادرة على المناورة .

وقد تمّ للبحرية المملوكية الانتصارعلى البرتغاليين في"جاول" على شواطئ الهند ، لكنها منيت بالهزيمة منكرة في" ديو"( عام 1509 م ) على سواحل الهند ، وهذه الهزيمة كانت عاملاً من عوامل سقوط دولة المماليك على يد العثمانيين .

- أما أهم أنواع السفن الحربية التي عرفت زمن السلاطين المماليك :

1- الشواني: مفردها " شيني" ، وهي كبيرة الحجم ذات أبراج وقلاع تستعمل للدفاع والهجوم

و بحارتها بحدود ( 150) ومزودة ( 100 ) مجداف .

2- الحراريق ( الحراقات) : مفردها "حراقة" ، وهي أصغر من الشيني ، وكانت تتميز برشاقتها ورميها النيران .

3- الطرادات : مفردها طراد أو طرادة ، وهي سفينة سريعة الكر و الفر ، وتستخدم لحمل الخيول ، حيث تحمل ما يتراوح بين أربعين وثمانين فرساً .

4- الأغربة : مفردها غراب، وسميت بذلك لأن رأسها يشبه الغراب وهي سفينة كبيرة عدد المجاديف فيها يبلغ ( 180 مجدافاً ) وتستعمل لنقل الجند ، والغراب إجمالاً مزوداً بجسر من خشب يستعمل للهبوط إلى سفينة أخرى ويتم القتال فيه كما في البر .

5- البطس : جمع بطسه ، وهي سفينة كبيرة ذات أشرعة كثيرة( 40 شراعاً) تستعمل لحمل الجند ، وتصل حمولتها إلى ( 700 مقاتل) فلاً عن بحارتها و الأسلحة و الذخيرة و الغلال والميرة التي تحملها ، ولها أسطح عالية وطبقات متعددة .

6- المسطحات : ومفردها مسطح ، وهي من اكبر سفن الأسطول العربي الإسلامي ، وهي ضخمة الحجم تشبه البطسة ، وكانتا تسير خلف السفن ، ومهمتها الإبحار خلف السفن الأخرى خشية أن تصادف منطقة ضحلة أو قليلة العمق فعندئذ تتدارك المسطحات ذلك الأمر لأن غاطسها قليل العمق في الماء .

» الفنون زمن السلاطين المماليك
» الحياة الاقتصادية زمن السلاطين المماليك
» دولة المماليك الجراكسة 2
» نهاية دولة المماليك
» الإدارة و الحكم في زمن المماليك